قال الإمام الكاظم o:

فقيهٌ واحدٌ ينقذ يتيماً من أيتامنا المنقطعين عنا وعن مشاهدتنا بتعليم ما هو محتاج إليه ، أشدّ على إبليس من ألف عابد ، لأنّ العابد همّه ذات نفسه فقط ، وهذا همّه مع ذات نفسه ذات عباد الله وإمائه لينقذهم من يد إبليس ومردته ، فذلك هو أفضل عند الله من ألف ألف عابد ، وألف ألف عابدة.

السبت، 10 نوفمبر 2012

كراهة الأكل عند أهل المصيبة



القطيف: ما حكم الأكل من أهل المصيبة؟

ج:
وردت الروايات في كراهة الأكل عند أهل المصيبة، وعلّلت بعض الروايات بأنّهم مشغولون بمصابهم.

وقد روى الشيخ الصدوق (ره) مُرسلاً عن الإمام الصادق (عليه السلام) أنّه قال:

الأكلُ عندَ أهلِ المصيبةِ مِن عملِ الجاهليّةِ، والسّنة البعثُ إليهم بالطعام كما أمر به النبيُّ (صلّى اللهُ عليه وآله) في آلِ جعفرِ بن أبي طالب لما جاء نعيه.

* إستحباب عمل الطعام لأهل المصيبة *
روى الشيخ الصدوق (ره):

" ينبغي لجيران صاحب المصيبة أن يُطعموا عنه ثلاثة أيام".

# إضافة #

وللأسف الشديد أن الشائع الآن هو عكس السُنّة الشريفة، فلا ينبغي للمؤمنين ترويج ثقافات الجاهليّة بداعي الخجل تارةً أو التفاخر تارةً أخرى، ممّا يُوقع أهل المصيبة في الحرج الشديد.

## خدمة الإستفتاءات##
إعداد وترتيب:
أبو روح الله - المنامة.

عاشوراء... إطعام الطعام بين الإستحباب والإسراف


بقلم: أبو روح الله المنامي البحراني - البحرين


لقد حثّ الإسلام على بذل الطعام والضيافة وعدّها من الأخلاق الإسلاميّة الرفيعة، وقد ورد في هذا الجانب روايات كثيرة في فضل الإطعام وفضل الضيافة فقد ورد عن مولانا أبي عبد الله o قال: من الايمان حسن الخلق وإطعام الطعام [1].

وقد عبّرت بعض الروايات أنَّ إطعام الطعام من المُنجيات يوم القيامة[2] كما ورد عن صادق آل محمد o.

وهذا الأمر ممّا لا خلاف على رجحانه وفضله الكثير والجسيم على المؤمن، وأيضاً ينعكس هذا الخُلق الرفيع على المجتمع الإسلاميّ بما يحمل من روح التعاون والتآزر فيما بينهم، وروح الأخوّة الإسلاميّة والبذل والعطاء بدون انتظار المُقابل من الطرف الآخر، بل يكون ذلك لما أمر الله به ودعى له نبي الإسلام وأهل بيته الطيبين الطاهرين q.
وفي هذا الإطار أيضاً يمكن الإستدلال على مشروعيّة هذا الأمر المستحب لمجالس الإمام الحسين الشهيد o بما ورد عن عمر بن علي بن الحسين حيث قال:

لمّا قُتل الحسين بن علي o لبسن نساء بني هاشم السواد والمسوح، وكنَّ لا يشتكينْ من حرٍّ ولا برد، وكان علي بن الحسين o يعمل لهنَّ الطعام للمأتم [3].

حيثُ يُستفاد من هذه الرواية مشروعيّة الإطعام لمجالس العزاء لأبي عبد الله الحسين o، فإنّ سلوك وفعل الإمام المعصوم o حُجّة.

  *    ظاهرة الإطعام بين الإستحباب والإسراف:
قد تقدّم استحباب الإطعام وبذل المال والطعام من أجل إطعام المؤمنين وما فيه من أجر جسيم، ولكن ممّا يؤسفُ له الوقوع في محذور آخر وهو الإسراف المحرّم؛ الذي نصَّ عليه القرآن الكريم وحرّمه (إنَّه لا يحبُّ المسرفين) [4].
فإنّنا نشاهد – بعد إحياء المراسم الدينيّة والحسينيّة بالأخصّ- كيف يتم التخلّص عن الطعام الزائد في القمامة، دون الإستفادة منه.

وكذلك كِثرة المضائف[5]  التي تُقدّم الطعام للمعزيّن، حتّى عاد المشهد وكأنه تنافس على الطعام وليس الهدف من الحضور والتواجد هو إقامة العزاء على مصاب الإمام الحسين o!

بل وكثرة الطعام الذي يُبذل في الليلة الواحدة، وهذه الكميّة الكبيرة يمكنها أن تغطي عدّة مناطق أو عوائل محتاجة بدل توزيعها بهذه الطريقة.

ولم يُكتفى بالإطعام وكثرته، بل التنافس في تقديم أفضل الأطعمة وألذّها والمقارنة بين بعض المضائف وغيرها.

عادة الإطعام كانت قديمة وموروثة عن آبائنا، ولم تكن بهذه الطريقة التي قد تُسيء للمذهب والمراسم الحسينيّة، التي اتسمت (الظاهرة) بالإسراف وإهانة النعمة برميها في القمامة دون الإستفادة منها بالشكل الحسن.

  *    الإطعام من أجل السمعة والرياء:
ولا يخفى بأنَّ البعض –وليس الكل- يتنافس في البذل والإطعام من أجل السُمعة [6]، فيكون هدف هذا المؤمن هو من يبذل أكثر ويعطي أكثر، سواء كان الآخذ محتاجاً أو لا، ولا يخفى بأنّ تشريع هذا الأمر المستحب (إطعام الطعام) هو من أجل إطعام المحتاجين بالدرجة الأولى، ولهذا قيّدت بعض الروايات (من أطعم مؤمناً من جوعٍ...) [7]، والبعض منها استحباب الإطعام بشكل عام.
في حين نجد أن الإطعام في موسم عاشوراء غالباً ما يكون عن شبع، فيمر على المضائف ويتناول ما يريده ويرمي البقية على الأرض!

  *    رسالة لأصحاب المضائف:
لا ننفي أهميّة الإطعام للمعزّين وما فيه أجرٌ وثواب من الله (عزوجل) ولكن:

1-                لابد من مُراعاة الجانب الشرعي وحفظ النعمة من الإهانة وتعريضها للزوال.
2-                ترك المباهات والتفاخر أمام الآخرين حتّى لا نقع –والعياذ بالله- في الرياء وسلب الإخلاص عنّا في العمل، وهذا ممّا يرفضه أهل البيت q الذين نزلت فيهم الآية المباركة: ( إنما نُطعمكم لوجهِ الله لا نُريدُ منكم جزاءً ولا شكوراً) [8] .
3-               إذا أمكن إيصال الأكل للمحتاجين بتخصيص مبالغ معيّنة مثلاً للصناديق الخيرية وهي تقوم بوظيفة توصيل الطعام للعوائل المحتاجة من مختلف أنحاء البلد، فنكون قد قلّلنا من الطعام الذي نُقدّمه وكذلك أوصلنا للمحتاجين من العوائل المتعفّفة التي لا تمدّ يدها للغير مع حاجتها.
4-                جمع الطعام المتبقي ليعطى للحيوانات بدل أن يُرمى في القمامة دون فائدة.



[1] وسائل الشيعة: ج24 باب 26 استحباب اطعام الطعام الحديث 2.
[2] وسائل الشيعة: ج24 باب 26 استحباب اطعام الطعام الحديث 5.
[3] المحاسن: ج2 كتاب المآكل- باب الأحكام في المأتم الحديث 195.
[4] سورة الأعراف الآية 31.
[5] أحصى بعض المؤمنين في موسم عاشوراء ما يُقارب 100 مضيف في منطقة المنامة وحدها.
[6] ورد عن النبي الأكرم أنّه قال: من أطعم طعاماً رياءاً وسمعةً أطعمه الله مثله صديد جهنّم وجعل ذلك الطعام ناراً. ثواب الأعمال وعقابها للشيخ الصدوق.
[7] وسائل الشيعة: ج24 باب 32 استحباب إطعام الجائع الحديث 1.
[8] سورة الإنسان الآية 9.

الثلاثاء، 6 نوفمبر 2012

بين حكم الفقيه وتشخيص المكلّف



بقلم: أبو روح الله المنامي البحراني - المنامة


قد يتضجّر المُكلّف حين إرجاع بعض المسائل لتشخيصه، ويبقى في حيرةٍ أمام تكليفه الشرعيّ، وقد يَلقي اللوم على الفقيه لماذا لم يحدّد وظيفتي ويشخّص التكليف عنّي حتّى أكون هانئ البال ومطمئن القلب؟!

في حين أنّ الفقيه له وظيفة إستنباط الحكم واستخراجه من المصادر المقرّرة، وعلى المُكلّف العمل وفق تشخيصه، وليس من شأن الفقيه أن يتدخّل بالمواضيع الخارجيّة فيقول هذا السائل الذي بين يديك حلال أو حرام، وسنتعرّض لبعض الأمثلة لبيان الأمر إن شاء الله.

 ü     ماذا يعني تشخيص الموضوع الخارجي؟


مثال بسيط يوضّح المعنى: فلو كان بين يديّ "شراب"، وأردتُ أن أعرف الحكم الشرعيّ تجاه هذا الشراب، فنسأل الفقيه: ما هو حكم شرب هذا السائل الذي بين يدي المكلّف؟

فيكون الجواب: إذا كان السائل خمراً فيحرم شربه.

فإنّ الفقيه قد أوكل أمر تشخيص هذا السائل الخارجيّ إلى المكلّف، ولا يُعقل أن يفتي الفقيه بحلّيّة الشراب أو حُرمته بدون أن يطّلع عليه شخصيّاً، بل ليست من وظيفة الفقيه أن يجلس للناس ويقول لهم: هذا الشراب حلال والشراب الآخر حرام. بل وظيفة الفقيه أن يُعطي الضابطة الشرعيّة للحلال والحرام ويترك التحديد للمكلّف.

وأمثلة ذلك كثيرة جداً، نستعرض لبعضها ممّا هي محلّ إبتلاء المكلّف.
     1-    حبر القلم؛ هل يمنع من وصول الماء في الوضوء أو لا يمنع؟
     2-    الباربكان؛ هل هو فقّاع أو ليس فقّاع؟
     3-   وضع الزيت أو الكريم على البدن؛ هل يمنع وصول الماء للبدن أو لا يمنع؟
     4-    حجم الدم في الملابس؛ هل بمقدار الدرهم أو لا؟
     5-    هلال شهر رمضان؛ هل ثبت عند الفقيه أو لم يثبت؟
     6-    معجون الأسنان؛ مفطر أو لا؟
     7-   شراء البضائع الأمريكيّة؛ هل يجوز أو لا؟
     8-   سمك الصافي؛ يحل أكله أو لا؟

 ü     لماذا يقع المكلف في حيرة؟

لعلَّ منشأ الحيرة التي يبقى فيها المكلّف هي:

  v    تضارب في التشخيص الخارجي، فيأتي طالب علم ويشخّص للمكلّف تشخيصاً وفقاً لقناعته الشخصيّة، ويأتي طالب آخر وينفي ذلك وفق تشخيصه الشخصيّ، ويكون الضحيّة هو المكلف لا الطالب.

  v    عدم سعي المكلّف لتشخيص المواضيع بنفسه نتيجةً للكسل والتقاعس عن أداء التكليف، فيُوكل أموره لزيد أو عمرو ليحدّد وظيفته الشرعيّة.

  v    تقصير المكلّف لمعرفة الأحكام ووظيفته الشرعيّة.